مقدمـــــة
عرّفت الزراعة المائية منذ القدم علي أنها تربية الأسماك لأجل توفير الغذاء ، ولكن بتطور العلم وزيادة الكثافة السكانية , عظمت حاجة الدول إلى تنوع دخلها بتنمية مواردها الطبيعية ومنها المائية , وتطبيق التقنيات المتطورة للاستفادة القصوى من هذه الموارد والاستعانة بالخبرات المتخصصة في هذه المجالات، فزرعت أحياء مائية كالأسماك والقشريات والرخويات , ونمّيت أنواع من الأحياء الدقيقة لأجل تحضير الغذاء الحي والمصنع ليرقات وصغار الأسماك والقشريات بالمفرخات والمزارع المائية , لأجل التسويق والتصدير , كما في حالة الطحالب وحيدة الخلية و الأرتيميا , حديثا زرعت الطحالب البحرية للاستخدامات الطبية والقواقع لإنتاج اللؤلؤ والإسفنج للتسويق كتنوع في مصادر دخل الأفراد وبالتالي الدخل القومي للدولة من توفير العملات الأجنبية لتعزيز هذا الدخل.
نظرا لتعرض منابت الإسفنج بالبحر المتوسط والمياه الليبية خلال القرن العشرين للإصابة بالأمراض عدة مرات والقضاء علي الكثير منها , سجل غطاسوا الإسفنج بالمياه الليبية وباحثون في مجالات علوم البحار بليبيا في الآونة الأخيرة تراجعا كبيرا في محصول إنتاج ليبيا من الإسفنج بسبب إهمال منابته وعدم استغلالها فترة طويلة من الزمن والاهتمام بمصادر النفط فنتشرت بينها الأمراض وهددت بانقراضها .
نقدم هنا خلاصة نتائج تجارب أجريت بنجاح في عدد من دول العالم المطلة علي البحر ذات اهتمام بثرواتها البحرية وتنميتها باستمرار , وذلك لإمكانية تطبيقها في ليبيا لأجل تنمية منابت الأسفنج بها التي تضررت بفعل تفشي الأمراض واستنزاف ما تبقى منها ، يمكن اعتبار هذه المحاولة بادرة طيبة يمكن تعميمها بمناطق كثيرة على الشاطئ الليبي لإعادة إحياء منابت الإسفنج المهددة بالانقراض .
الإسفنج وأهميته
الإسفنج ثروة بحرية لها أهميتها من بين مستخرجات البحر و خاصة في حوض البحر المتوسط الذي يمثل الساحل الليبي معظم الساحل الجنوبي لهذا البحر ، حيث يحوي هذا الساحل أجود منابت الإسفنج في العالم وأفضل مصائد الأسماك والقشريات والمنتجات البحرية الأخرى التي من أهمها الإسفنج ، الأمر الذي تطلب معرفة أنواعه وطبيعة حقوله و طرق صيده والاهتمام بمصائده .
منذ بداية القرن الماضي يعتبر صيد الأسماك والرخويات ( الإخطبوط ) والإسفنج مورداً هاماً في دعم اقتصاد ليبيا قبل ظهور النفط لاهتمام الجهات الرسمية ذات العلاقة بالإسفنج لاعتباره أهم منتجات البحر إلى جانب الأسماك في ليبيا ، ولكن إلى الآن لم تستغل منابته في ساحل ليبيا استغلالاً تاما لعـدم وجود دراسات استكشافية دقيقة عـن المخـزون السمكي ، وأقتصر على صيد الأسماك والرخويات والإسفنج على المصائد المعروفة .
الإسفنج حيوان مائي فريد من نوعه بسيط في تركيبه رشحي التغذية ، ينتمي إلي شعبة المساميان ، متواجد في مياه كل البحار و المحيطات من الشاطئ حتى أعماق سحيقة ، حتى الآن أمكن تصنيف أكثر من 5000 نوع منه معظمها بحرية المعيشة عدا عائلة (الأسبونجلدي) فهي تعيش في المياه العذبة بالأنهار والبحيرات ، وأجود أنواع الإسفنج في العالم تلك التي تعيش في المياه المالحة الدافئة وخاصة في مياه البحر المتوسط وفي أعماق أقل من 175مترا لطبيعة التغذية بالإسفنج التي تعتمد على ترشيح العوالق الداخلة عبر قنوات جسمه .
قديما صنف الإسفنج على أنه نباتا مائيا لافتقاره إلى الحركة و إلى طبيعة شكله المتفرع و عدم احتوائه للأحشاء الداخلية ،حتى عام 1765 ف و لأول مرة درست تركيبات قنواته و أليافه و فتحاته و انقباضها و مرور المياه داخلها ، وبذلك صنف الإسفنج ضمن المملكة الحيوانية التي تعيش منعزلة وليست في تجمعات أو في مستعمرات .
نقلا عن // علم الأحياء البحرية في ليبيا